دولة قطـــر
ممثلة في قناة الجزيرة
لم تعجبها نتيجة الإنتخابات الليبية والفوز الساحق لتحال القوى الوطنية
بقيادة الدكتور محمود جبريل ، حسب صحيفة الوطن
إقـــرأ ـــ المقال منقول
التاريخ : 2012-07-13
نتائج الانتخابات الليبية بعيون الجزيرة .. بقلم/ نضال الشركسي
لم يستطع السيد علي الظفيري مذيع قناة الجزيرة، وهو يطل علينا إطلالته الأسبوعية عبر برنامجه (في العمق) ليستشف تداعيات نتائج الانتخابات الليبية للمؤتمر الوطني، كظم غيظه من تصاعد فرص تحالف القوى الوطنية، أو من يسميهم هو وقناته (بالليبراليين)، في مقابل تراجع حاد لحزب العدالة والبناء الذي طالما روجت له قناة الجزيرة في غير مناسبة. الشئ الوحيد الذي لم يفعله الظفيري هو الطعن في تدين هذا الشعب مقارنة بنظيريه المصري والتونسي، لأنه لم يصوت للإخوان المسلمين وكأنهم هم من سيمنح صك التدين له، ولكنه ذهب بدلاً عن ذلك لتصنيف كل من صوّت لهذا التحالف وبطريقة سمجة محاولاً إثارة النزعة القبلية. لم يكن أمام هذه اقناة سوى التدني لهذا المستوى، حيث أن الظفيري صعقته المفاجأة - كما غيره كثيرون - بدرجة وعي هذا الشعب الذي أبى على نفسه التصويت لبلحاج وحزبه وتجاهل الأخوان وجماعتهم، ولذا فهم كافرون بالنعمة، جاحدون لها ولا يحسنون شكرها. لذلك لم تجد قناة الجزيرة وسيلة للاحتجاج سوى غلق آخر نافذة إخبارية لها على انتخابات المؤتمر الوطني من طرابلس، ودون انتظار النتائج النهائية للانتخابات كما فعلت في مصر، أم تراه انسحاباً تكتيكياً في ظل الحظوظ القليلة لحزب العدالة والبناء وحزب الوطن أمام الخصم العنيد تحالف القوى الوطنية!.
لم يكن الشعب الليبي يوماً من الأيام جاحداً للنعمة أو ناكراً للجميل، كما يحاول البعض تسويق ذلك، ولكن هذا أيضاً لا يعني الانبطاح أمام من يريد استغلال ثمار مساعدته لمصلحته الخاصة. ولعل هذا ما حاولت قناة ليبيا الأحرار قلب معاييره عندما استضافت منذ يومين أحد الكتاب الذي دافع بضراوة عن الدور القطري وتساءل عمن تصب في مصلحته الترويج بأن قطر هي العدو لليبيا بيد أن التاريخ ينفي ذلك. أمعن المذيع خالد عثمان وضيفه الموقر في نسج احتمالات ما أنزل الله بها من سلطان، فصب ذلك الضيف جام غضبه على عبدالرحمن شلقم وعلى الترهوني ومحمود جبريل وغيرهم دون أن يقدم لنا تبريراً منطقياً عن الإملاءات القطرية بتسمية وزراء بعينهم عقب التحرير وكيف لنا أن نهضمها. وتغافل ضيف القناة عن تفسير تلقي عبدالحكيم بلحاج والصلابي الدعم المالي واللوجستي من قطر، وهو أمر لم يعد خافٍ على أحد. كما لم يخطر ببال هذا الضيف تعليل لماذا وفرت قناة الجزيرة المناخ الخصب ليشن الصلابي هجومه اللاذع على د. محمود جبريل والمكتب التنفيذي دون مراعاة للصالح العام وبتهم ثبت بطلانها ولكن بعد أن تحقق لها أرادت. كما يبدو أن ذلك الضيف نسي القوات الخاصة والحماية القطرية لبلحاج أبًان تحرير طرابلس، فحينها لم تكن السيارات الليبية مريحة مما اضطره لركوب سيارات قطرية وفق شهود عيان. تناسى ذلك الضيف تماماً كيف أصرت هذه القناة على تقديم السيد بلحاج وكأنه فاتح طرابلس وقائد عملية التحرير برمتها، وأما مجهودات الآخرين وتضحيات كل الثوار من مختلف مناطق ليبيا فما هي إلا غثاء ذهب أدراج الرياح.
من المعيب جداً أن يرتبط نجاح الثورة في ليبيا بنجاح الإسلاميين (رغم تحفظي على هذا التصنيف) وإن كنا لا ننكر دورهم، وهو ما كافحت قناة الجزيرة لخلقه في الحالة المصرية ونجحت في ذلك إلى حد بعيد. ومن المخجل أيضاً أن نربط نتائج الثورة الليبية بإفرازات مثليها في تونس ومصر، فلكل بلدٍ ظروفه ومعطياته التي ستفرض نفسها وبقوة. ففي بلدٍ كتونس عانى من سطوة العلمانية حقبة طويلة، كان من المتوقع ترجيح كفة الإسلاميين بعد ذلك كنوع من ردة الفعل على أقل تقدير. أما في أرض الكنانة وهي معقل الأخوان المسلمين كان لابد من وصولهم لسدة الحكم بعد أن وضعوا الشعب المصري في خيار مر، إما القبول بهم أو التصويت لشفيق واجهة النظام القديم. وبهذا فالشعب الليبي كانت له حسابات أخرى مغايرة، وطبعاً لم تتفق مع رؤى قناة الجزيرة وبعض المحسوبين على التيار الإسلامي حينما اختار من يعتقد أنه سيجمع كلمة هذا البلد ويلملم أطيافهم في جسم واحد متمثل في المؤتمر الوطني.
لا يحتاج الأمر لعميق التفكير ولا لكثير من الاندهاش، ولكنها أيدلوجيات يحاول البعض فرضها على هذا الشعب الذي صوّت بملء إرادته لمن سيمثله بعد أن تمكن من فكرة شفرة المتقولين باسم الدين والحاكمين بأمر الله في الأرض في قراءة عملية وواقعية للواقع. فبعد هذا الثمن الباهض الذي دفعه الشعب الليبي طلباً للحرية والديمقراطية سيكون الآن عصياً على كل من يحاول الربوض عليه ليجني جزاء مساعدته، وسيصبح صعباً على كل من يحاول الالتفاف عليه ليمرر فكره. وبالتالي فإن المرحلة القادمة لا بد لها أن تستوعب كل الليبيين بمختلف توجهاتهم وأفكارهم وأطيافهم. ولهذا كان على هذه القناة أن تعي بأن الشعب الليبي ليس في حاجة لأن يقبل رأس أحد فلعلها تصبح أكثر حيادية ومهنية في رصدها لنتائج انتخابات المؤتمر الوطني العام، لتكون بعدها أكثر احتراماً لاختيارات هذا الشعب.