لا نبالي إن سلمتي من هلك

لا نبالي إن سلمتي من هلك
بقلم عبدالله النيهوم

كان الصمت يلفنا.. بسكوت مقيت يحبس الأنفاس.. جرعونا كؤوس الذل والمهانة حتى الثمالة
وكنا نبتهل إلى الله أن يفــــــــــــــــــــــــــــــــــــرج عنا ويفك كربنا.. كانت حياتنا ظلام في ظلام
اُرتكِبت في حقنا أبشع الجرائم.. وكنا نمتص الألم وننتظر فرج من الله نثق بقدومه ولم يخـــب
رجاؤنا
وكانت ثورة هذا الشعب البطل وكأنها لوحة نسجها الربيع العربي بألوان الطيف الزاهية.. في
شهور قليلة انهارت آخر معاقل الطاغية السفاح.. ولم يبق من معالمها إلا ركامها.. وسيتذكر
هذا الشعب ذلك الزمن الذي مر به.. حيث كان سواده من مفـــــردات حياته طيلة أربعة عقود
حتى القمر كنا نراه يخرج علينا بلون معتم خالعا بهائه وضوئه.. هذه العصابة شوهـــــــت كل
شيء في أرجاء ليبيا.. وفي لحظة وكأنها حلم خرج المارد من قمقمه.. بقــوة تشكل كل شيء
كما تشاء.. وإرادة تعانق السماء .. وها نحن نتطلع إلى المستقبل بثقة.. فقــــــــــد بزغ الفجـر
وعبرنا إلى الحرية.. فكانت هبة هذا الشعب البطل كالرياح القوية.. حطمت ما وجدت من ظلـم
أمامها.. أخرجت الماضي المظلم.. وصارعته بنور الحاضر.. وتبخـــرت كتل الضباب من على
مآقيها.. وبدأت الكوابيس تعكر صفو أحلام الطاغية السفاح.. وتبشره بنهايته المهينة.. أصبح
يلهث ويثرثر كالمجنون.. محاولا تفادي السقوط فلاحقه العار.. وحل بأركان حكمة الدمار..
كان سطوع شمس الحرية حار حاد يداهمه يقض مضجعه.. فخرج علينا كحفار القبور يسأل:
من أنتم؟!!..
وظهر معه شحوب تفاصيل وجهه ورعبه.. كان حينها لهيب شمعة الحرية يحـــــــرق ما حوله
بينما هو يسكن عتمة ظلامه الدامس.. وكان يسقط من حافـــــــة لسانه بشخير من فمه الغائر
كالبئر.. وكثافة شعره المستعار القذر:
هو لا يحكم.. لا يساوم.. لن يترك قبر جده.. عنده بندقية..
ثرثرة:
بالحفر.. والزنقات.. والغرف.. والبيوت.. والحارات..
عملاء .. قاعدة.. جرذان..
أطلق قبيح صرخاته وسخطا ته على الثوار..
كان هذيان لحين سقوط هذا اللعين
نعم : بينما كانت تخرج من لسانه أحرف متقطعة تحفر كلمات مهترئه.. كانت الأمواج تقذف به هنا
وهناك وكانت كلماته تحرقه.. مثل شطحاته كمثل عواء الكلاب البائسة.. أصابه ذعر وارتباك
.. بدأ يجتر أنفاسه العميقة.. ومعها ظهرت خفايا الظلم والقهر لهذا الشعب.. جلب المرتزقـــة
واستعان بالسحرة.. لتغرب شمسنا.. سالت الدماء زكية معلنة بزوغ فجر الحريــــــة.. بعدما
مضت عشرات السنوات وهذا الشعب يقاسي نكد العيش.. أمــــــــواج من النفاق والضوضاء
والمعاناة وقلة الحياء.. كان كل يوم من أيامــــــــــــه البائدة.. يزيدنا ألاما ويزيد أيامنا عتمـة
محاولا طرد ما تبقى من ضوء ولو كان بصيصا.. شن علينا حربا أكلت الأخضــــــــر واليابس
وكان الحزن يتراكم بين اليوم والأخر..
وكانت دماؤنا تنزف وأشلاؤنا تتناثر..
تشردت أسر..
افتقدنا شباب في مقتبل العمر..
تمزقت أحشاء الأطفال..
ترملت نساء وأكثر..
أشياء ليس من الأدب أن تذكر..
هذه طفلة لم يبقى من عائلتها أحد..
خلف للجميع المحن..
وهناك حزن وقهر يذبح البعض مما عمل مرتزقة السفاح..
كثيرة هي المآسي..
عيون محملة بالدموع..
أنفس حائرة..
وضع مؤلم..
كانت لحظات حاسمة فارقة أعلنت نهاية الطاغية..
قُبض عليه والحسرات ترتسم على وجهه..
في منفذ لتسريب مياه الأمطار كالمغارة..
هو ومن لا تستطيع وصفهم بأقل من الإجرام والحقارة....
حينها تسلل ضوء القمر المعتم مفسحا المجال أمام خيوط شمس الحرية..
لحظات رائعة بهية..
رأيناها على شاشات الإذاعات المرئية..
وها هو المعتوه غارقا في دمائه ذليلا حقيرا يراه كل العالم وكل ليبي وليبية..
وحق لنا اليوم أن نسأله
من أنت ؟
يا ابن اليهودية
لم يكن يصغى لنا لما نطقنا *** فاتخذنا رنة البارود وزنا
وعلى أرواحنا صعدنا خلدا *** وعلى هاماتنا رفعنا بنـــدا
خرجنا نحن!! كل الشعب نتلذذ بمناظر ليبيا بدون الطغيان ولا عبودية..
رائحة ربيعية عبقة
تشذو من كل مكان.. وكأن البلاد وكأن العباد متعطشون لتلك اللحظـــــات التاريخية.. احتفلنا
عانقنا أشعة الشمس البهية.. كان يوم مشرق جميل هتفنا فيه بالانتصار على ذلك المعتـــــوه
الجبار.. دبت فينا الروح وسرت فينا الحياة التي حاول تشويهها طيلة عقود حكمه المنصرمـة
ضحينا بدمائنا وأنفسنا.. قدمنا الرخيص والغالي وأنهينا عصر هذا الطاغوت..
نعم تم وبحمد الله القضاء نهائيا على حكم الاستبداد والديكتاتورية .
وتغنينا:
بأحلى ألحان الحرية
اجتمعت فينا الأفراح والأتراح
لأجلكِ يا ليبيا يا موطني قدمنا ألاف الأرواح
وسقط المردوم المجيف الملعون
وهنا دوت صرخات فرحتنا..
وتعالت صيحاتنا بالتهليل والتكبير
( نعم ):
الظلام وسيده قد رحلوا.. لكنه ترك أثر؟؟!!
لازالت هناك ذرات غبار عالقة بجدار حياتنا وتؤثر في مستقبلنا
يجب أن نسدل ستار النسيان عليها..
اللهم إلا تاريخا يقرؤه الطلبة والطالبات..
كما قضت تلك الأيام البالية نحبها
فلنقذف بهذه المخلفات إلى الجحيم
أنها من صنيع الطاغية الفتان.. الذي سلب الحياة حلاوتها والأشجار خضرتها..
لنصعد معا سلم الحرية
اليوم تحتاج ليبيا لأن تسيل قطرات العرق.. أفرادا وفِرق .. كي ينطلق موكب
البناء بسرعة.. وليخرج الأمل من بين ركام الألم.. كانت بلادنا ولأربعة عقود في
سبات عميق.. ووجب عليها اليوم أن نستفيق.. اليوم يجب أن نغرد بألحاننا الشذية..
وننظر للعلا بعيون ذكية.. هذا ثمن لدمائنا الزكية..
التي قدمناها على مذبح الحرية..
لا بديل عن ليبيا وطنا لنا جميعا.. فماذا نحن فاعلون؟
هل ننتصر للحياة بأرواح تشرق لمستقبل مليء بالصفح وبالعزم والكرامة وتحدى
المستحيل. وببذر بذور الخير بمشاعرنا النبيلة وحبنا لليبيا؟.. لنصنع مشهدا رائعا
في الصفح عند المقدرة يرفض الانحناء واليأس والاستسلام للحزن؟..
والعبور فوق المحنة..

وليعوضنا الله خيراً.. جزاء ذلك

عاشت ليبيا حرة أبية

تم نشر المقالة
بتاريخ 15/12/2011م
بجريدة الحدث الورقية
الصادرة بمدينة طرابلس

الله أكــبر الله أكبر

الله أكبر ولله الحمد والصلاة والسلام على

سيدنا محمد وعلى آله وسلم .

والعاقبة خير إنشاء الله .

الله الله عليك أخي عبد الله

كلام جميل وتعبير صادق يعبر عن مثقف ورع

حقيقة لقد نورت هذا المنتدى بتواجدك فيه

مشكور ولك التحية

أخي العزيز عبد الله النيهوم

إن (ضيف الغزال)

بطل من أبطال ها الحراك الشعبي لشباب وشابات ليبيا

الذين تصدوا بصدورهم الى أكبر ترسانة أسلحة موجودة

في الشرق الأوسط ، ولقنوا أكبر طاغية على مرور الأزمنة

دروسا في الفداء والبطولة

شكرا لك على مساهمتك القيمة .

وتقبل تحياتي